Sunday, November 04, 2007

في السابعه و نصف صباحا (من مذكرات هاله)


23/ 3 / 2002

عجبا لهذه الحياه الكئيبة لا تنفك تقطر منها لحظات سعادة حتى تغمرني بوابل من أمطار الاكتئاب
يحضرني الآن هذا البيت العبقري من رباعيات صلاح باشا جاهين

مرغم عليك يا صبح مغصوب يا ليل
لا دخلتها برجليا و لا كان لي ميل
شايلني شيل دخلت أنا في الحياه
و بكره ح أخرج منها شايلني شيل


25/ 3 / 2002

لطالما تعجبت لهذا المشهد من الشرفه .... أراه كل يوم في تمام السابعه و نصف صباحا و لا يكف عن أعطائي النشوه و التفائل لروحي الهادئه , مشهد عام جدا , طبيعي جدا , تقليدي كجدتي .... فيوميا أري مشهد محطه الأوتوبيس و مطعم الفول بجوارها و المترو الذي لا معني للزمن في حساباته و الطلاب لازالوا في طريقهم للجامعات و المدارس .
أبواق سيارات .... ماره لم يستيقظوا بعد .... كلمات بذيئه ... أنها الحياه تسير بالرغم من أنف المشاكل و الصعاب

نفس المشهد في السابعه و النصف صباحا و نفس النشوه و التفاؤل يوميا و لم أفهم أبدا كيف يمكن لمشهد عادي جدا أن يكون سببا لأعطائي طاقه تكفي ليوم كامل مهما كان يحمل من (بلاوي) تدمر المعنويات و لن أتحدث كثيرا عن سخافات الشباب في المواصلات تجاه أي أنثي و لا عن التذمر الدائم لسي ( نبيل) مدير المكتب و لا عن شجاراتي اليومية مع والدتي حول رفضي للعرسان الذين لا أعرف حتي أشكالهم و لن أعلق أيضا علي المرتب الذي لا يكفي مصروفات أول أسابيع الشهر و هي مشكله عويصة يعجز حتما عن حلها وزراء ماليات العالم مجتمعين

مشاكل ماديه , معنوية , اجتماعيه , و أسريه تكفي لدفع أي شخص مهما بلغت قوه تحمله للاكتئاب المزمن... أو في حالات أخري للانتحار .... لكن صدقيني يا مذكراتي العزيزه ..... هذا المشهد يدفعني دفعا للحياه

27/ 3 / 2002

مذكراتي العزيزه .... لا جديد هنا تحت الشمس فقط مازلت عاجزه عن تحديد موقف من ذلك العريس الجديد ... ماذا كان أسمه؟؟ ... لا يهم


4/ 4 / 2002
لم أعرف ما بال هذا اليوم .... أنه يدفعني بقوه للبكاء لم تعد أعصابي تحتمل ما يحدث ... فعلا لم أتوقف عن البكاء اليوم لساعات قبل أن أمسك هذا القلم و أسطر هذه السطور
مذكراتي العزيزه لم أصدق نفسي اليوم حين نظرت من الشرفه في تمام السابعه و نصف و لم ينتابني إحساسي المعتاد بالنشوه و التفاؤل و الفرح المبهم ... فجأه فقد هذا المشهد الذي طالما أسعدني لسنين لم أحسب كثرتها سحره الخاص في يومي و صار مشهدا عاديا كأي شيء في حياتي لا يبعث أي أحساس من أي نوع كدولاب الملابس مثلا أو منضده السفره أو الغسيل المكور فوق سرير أخي
لم أهتم كثيرا بما حدث من (بلاوي) في ذلك اليوم الحافل قدر ما فكرت في هذا المشهد صدقيني يا مذكراتي العز يزه كدت أشل أو أجن لقد أعتدت أن يعطيني سعاده و فرح مبهم و نشوه لا أحلم بها كما كان يغسل هموم يوم مضي
فجأه و بدون أي مقدمات صرت وحيده في مواجهه حياتي , تركني في وقت عصيب بعد مشاجرتي مع أمي أمس , تركني كحبيب قرر ترك محبوبته و بدون أدني سبب
أنه يدفعني للتفكير و البكاء ... لكني في أنتظاره غدا... كعادتي

5/ 4 / 2002

أنتصف الليل و كان موعدي مع معك يا مذكراتي العزيزه , مازلت لا أصدق أن اليوم أيضا لم يختلف كثيرا عن أمس , و مازلت عاجزه عن أيجاد سبب واحد لشعوري المختلف تجاه المشهد من شرفتي في السابعة و نصف صباحا فاليوم أيضا تكرر سيناريو الأمس الكئيب
و لم أجد السبب

6/4/2002

لقد صار الموضوع سخيفا , تماما كنكته تسمعها للمره التاسعة بعد المئه الرابعة عشر ... لقد فقدت الكثير من روحي المعنوية أن شعور الوحدة مخيف حتى أني أصبت اليوم بأكتآب عند رؤيه مشهدي المفضل
فكرت في تصوير المشهد و ظللت طوال اليوم أتأمل الصوره محاوله أيجاد ما تغير به ..... و كانت النتيجه صفر , لا شيء غريب و لا شيء جديد و لا شيء يبعث التفاؤل و لا حتي الأكتئاب نفس المترو و مطعم الفول و المحطه و نفس السيده التي تحمل طفلها , نفس السيارات و الطلاب و الماره و حتي نفس عسكري المرور

التصوير هوايتي المفضله منذ سنين و حقا أنا بارعه في ألتقاط المشاهد و التركيز علي أدق التفاصيل لكن هذا المشهد لطالما أحتواني و عاملني بحنان شديد و أشعل داخلي روح التفائل و أحيي بروحي الأمل و لم أفكر لحظه في تصويره حيث أني علي موعد معه كل يوم ... في تمام السابعه و نصف صباحا


7/4/ 2002

أخذت بعض الصور اليوم انفس المشهد و لم أجد ما يفيد و لا أي أختلاف عن صوره الأمس

8/4/ 2002

اليوم أنا أسعد أنسانه علي وجه الأرض , لقد بكيت اليوم تأثرا من معاوده سعادتي مع رؤيه المشهد من الشرفه لقد عاد صديقي القديم ليقوم بواجبه نحوي و بقوه
و طرقت الي رأسي فكره تصوير المشهد فجريت إلي كاميرتي و ألتقط الصوره المشرقه , و مضيت كثيرا أقارنها بصور الأمس المظلمو كانت النتيجه أني فشلت في أيجاد أي أختلاف, فقط هو مشهد واحد و صورتين لكن واحده فقط أعشقها و بمجرد النظر اليه أكاد أن أبكي تأثرا
عرجت الي صديقتي مريم بعد أن أنهيت العمل و توسلت اليها أن تجد أي أختلاف بين الصورتين , نظرت للصوره في تركيز واضح و جائتني بأغرب نتيجه بعد دقائق
مريم : أنت أتعميتي يا بنتي ولا ايه
أنا : ليه
مريم : هوا الفرق صعب بيني و بينك بس مش مستحيل
أنا : هو فيه فرق أصلا؟؟.
أقتربت مني و أشارت داخل الصوره و قالت : شايفه الراجل العجوز ده اللي واقف علي المحطه؟؟؟ دا موجود في الصوره دي و مش موجود في صوره أمبارح

هل هذه صاعقه ؟؟؟ أم أن هذا ما يسمونه (الصدمه) , تأملت الصوره في بلاهه فوجدت ذلك العجوز الذي لم أره طوال هذه السنين, لا أعتقد أني رأيته من قبل , لكنه يبدو مألوفا , أنا لا أعرفه و أقسم علي ذلك و الحقيقه أني لا أريد أن أتعرف اليه تكفيني معرفه أنه سبب سعادتي طوال هذه السنين التي لم أحسب كثرتها .... سعاده لا عهد لي بها تهاجمني بمجرد رؤيه هذا الرجل في ذاك المشهد و صدقيني يا مذكراتي العزيزه حين أقول إني فعلا أحبه بل أعشقه , أنه روح جميل في مشهد معتاد
وضعت الصورتين في حقيبتي و أنطلقت للحياه ثانيا بروح التفاؤل و السعاده منتظره غدا مشهدي المعتاد من الشرفه في السابعه و نصف صباحا


القاهره
12/ 5/ 2007

هذه القصه إهداء الي هشام سراج

Labels:

9 Comments:

Blogger Maat said...

:|
awalan el bta3a de 7elwa awyyyyy!!
thaneyan, el story la7ad abl mawdoo3 el ragel el 3agooz kont shayfa nafsy feeha b shakl ghareeb.. ely howa I was willing to call you and just ask "ezay keda?"
thalethan, i just liked the whole thing, i wish life was simple enough to recognize a simple factor that could be missing from my daily scene, look for it and find a way to restore the peace I usually find when it's there. Most of the time though, this factor or element (here resembled by the old man) is not exactly identified! so i'm left with utter confusion and madness wondering what the hell is wrong with my mornings and what is missing from the picture!!

Sun Nov 04, 10:53:00 PM  
Blogger LAMIA MAHMOUD said...

عودون احمد
طبعا انت لما حكيتلي القصة في الاول كانت عجباني فحت يعني

بس بجد متخيلتش ان اسلوب الكتابة حيبقى كده .. رووعة

بجد بجد بجد انا مش عارفة اطلع اجيبلك الحتت اللي عجبتني لاني حينتهي بيا باني بحطلك القصة كلها

اكثر من رائع يا ابن الاية

لما اشوفك بس

Mon Nov 05, 07:36:00 AM  
Anonymous Anonymous said...

el fekra di gamda be 3onf
:D
eh daaaaaaaaaaaaaaaaaa :D

Mon Nov 05, 04:34:00 PM  
Blogger SunFlower said...

"أنه روح جميل في مشهد معتاد" i like that.

A very different yet ordinary story that is breathtaking.
i just wanted to get to the end to know what happens,
i like the way u built it.
very realistic.
true that many small details gather to make a complex picture infront of us, and eventually make up our days and lives.
Like a puzzle, a missing piece ruins the pictutre, u see a blank space, u see that there is something missing but u cant see the exact detail.
Good writing, keep it up.

Thu Nov 08, 12:27:00 AM  
Anonymous Anonymous said...

HUH!

la2 bel ra7a keda...! AWESOME..more than awesome!


Yes... one can read his own thoughts in that piece! that is going on her mind..and how your expressed it is just REAL AND AMAZING! so real..that is felt and identified with!

begad I'm so much impressed!

the Old guy...hmm..could stand for warmth, care, el zaman el gameel, simplicity, LIFE in fact itself!

enta basha wallahy!

and I'm still impressed :) masha Allah

Sat Nov 10, 07:10:00 AM  
Blogger Polka Dotted said...

ana bardo ama ba2et as7a mn 3'er mala2y om 7amada yomy mabyeb2ash the same..

Sun Nov 11, 02:12:00 AM  
Blogger marwa said...

ra2oof i like it begad so much...
i generally like ur way of writing.
we kaman 3agbany awiiiiiii
o3'neyet ya ward 3ala fol we yasmeen wahmeyaa:)

Sun Nov 18, 02:31:00 AM  
Blogger ذو النون المصري said...

الهنا ما اعدلك
مليك كل من ملك
............
لبيك قد لبيت لك
لبيك ان الحمد لك
............
و الملك لا شريك لك
ما خاب عبد سالك
...................
انت له حيث سلك
لولاك يارب هلك
..................
لبيك ان الحمد لك
و الملك لا شريك لك
.....................
كل نبي و ملك
و كل من اهل لك
...................
و كل عبد سالك
سبح او لبي فلك
................
لبيك ان الحمد لك
و الملك لا شريك لك
...................
و الليل لما ان حلك
و السابحات في الفلك
.................
علي مجاري المنسلك
لبيك ان الحمد لك
.........................
و الملك لا شريك لك
يا خاطئا ما اغفلك
....................
اعمل و بادر اجلك
و اختم بخير عملك
...............
لبيك ان الحمد لك
و الملك لا شريك لك
....................
هذه القصيده لشاعر الخمريات الشهير ابو نواس، احببت ان اهديها لكم بمناسبة وقفة عرفات و عيد لاضحي المبارك، كل عام انتم بخير ،تقبل الله منا و منكم طيب القول و صالح العمل
.........................

Tue Dec 18, 09:58:00 AM  
Anonymous Anonymous said...

ما اعرفش انت بتبص ع التعلقات ع المواضيع القديمة ولا لأ
بس القصة دي بجد في منتهي البساطة والجمال

Tue Sep 23, 01:55:00 AM  

Post a Comment

<< Home